اشعار المهلهل الزير سالم

تَنَجَّدَ حِلفاً آمِناً فَأُمِنتُهُ

وَإِنَّ جَديدراً أَن يَكونَ وَيَكذِبا

 

============

 

عَجِبَت أَبناؤُنا مِن فِعلِنا

إِذ نَبيعُ الخَيلَ بِالمِعزى اللِجابِ

عَلِموا أَنَّ لَدَينا عُقبَةً

غَيرَ ما قالَ صُعَيرُ بنُ كِلابِ

إِنَّما كانَت بِنا مَوصولَةً

أَكلُ الناسِ بِها أَحرى النِهابِ

 

======

 

 قصائد عدي بن ربيعة

 

إِنَّ في الصَدرِ مِن كُلَيبِ شُجوناً

هاجِساتٍ نَكَأنَ مِنهُ الجِراحا

أَنكَرَتني حَليلَتي إِذ رَأَتني

كاسِفَ اللَونِ لا أُطيقُ المُزاحا

وَلَقَد كُنتُ إِذ أُرَجِّلُ رَأسي

ما أُبالي الإِفسادَ وَالإِصلاحا

بِئسَ مَن عاشَ في الحَياةِ شَقِيّاً

كاسِفَ اللَونِ هائِماً مُلتاحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً

وَاِعلَما أَنَّهُ مُلاقٍ كِفاحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً

ثُمَّ قولا لَهُ نَعِمتَ صَباحا

يا خَليلَيَّ نادِنا لي كُلَيباً

قَبلَ أَن تُبصِرَ العُيونَ الصَباحا

لَم نَرَ الناسَ مِثلَنا يَومَ سِرنا

نَسلُبُ المُلكَ غُدوَةً وَرَواحا

وَضَرَبنا بِمُرهَفاتٍ عِتاقٍ

تَترُكُ الهُدمَ فَوقَهُنَّ صُياحا

تَرَكَ الدارَ ضَيفُنا وَتَوَلّى

عَذَرَ اللَهَ ضَيفَنا يَومَ راحا

ذَهَبَ الدَهرُ بِالسَماحَةِ مِنّا

يا أَذى الدَهرِ كَيفَ تَرضى الجِماحا

وَيحَ أُمّي وَوَيحَها لِقَتيلٍ

مِن بَني تَغلِبٍ وَوَيحاً وَواحا

يا قَتيلاً نَماهُ فَرعُ كَريمٌ

فَقدُهُ قَد أَشابَ مِنّي المِساحا

كَيفَ أَسلوا عَنِ البُكاءِ وَقَومي

قَد تَفانَوا فَكَيفَ أَرجو الفَلاحا

=======

 

إِنّي وَجَدتُ زُهَيراً في مَآثِرِهِم

شِبهَ اللُيوثِ إِذا اِستَأسَدتَهُم أَسِدوا

 

============

 

أَكثَرتُ قَتلَ بَني بَكرٍ بِرَبِّهِمِ

حَتّى بَكَيتُ وَما يَبكي لَهُم أَحَدُ

آلَيتُ بِاللَهِ لا أَرضى بِقَتلِهِم

حَتّى أُبَهرِجَ بَكراً أَينَما وُجِدوا

 

====

 

لَو كُنتُ أَقتُلُ جِنَّ الحابِلينَ كَما

أَقتُلُ بَكراً لَأَضحى الجِنُّ قَد نَفِدا

 

====

 

دَعيني فَما في اليَومَ مَصحىً لِشارِبٍ

وَلا في غَدٍ أَقرَبَ اليَومَ مِن غَدِ

دَعيني فَإِنّي في سَماديرِ سَكرَةٍ

بِها جَلَّ هَمّي وَاِستَبانَ تَجَلُّدي

فَإِن يَطلُعِ الصُبحُ المُنيرُ فَإِنَّني

سَأَغدوا الهُوَينا غَيرَ وانٍ مُفَرَّدِ

وَأَصبَحُ بَكراً غارَةً صَيلَمِيَّةً

يَنالُ لَظاها كُلَّ شَيخٍ وَأَمرَدِ

=====

ديوان شعر الزير سالم

فَقَتلاً بِتَقتيلٍ وَعَقراً بِعَقرِكُم

جَزاءَ العُطاسِ لا يَموتُ مَنِ اِثَّأَر

 

====

 

أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ

هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ

وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا

كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ

وَبِتُّ أُراقِبُ الجَوزاءَ حَتّى

تَقارَبَ مِن أَوائِلِها اِنحِدارُ

أُصَرِّفُ مُقلَتَيَّ في إِثرِ قَومٍ

تَبايَنَتِ البِلادُ بِهِم فَغاروا

وَأَبكي وَالنُجومُ مُطَلِّعاتٌ

كَأَن لَم تَحوِها عَنّي البِحارُ

عَلى مَن لَو نُعيتُ وَكانَ حَيّاً

لَقادَ الخَيلَ يَحجُبُها الغُبارُ

دَعَوتُكَ يا كُلَيبُ فَلَم تُجِبني

وَكَيفَ يُجيبُني البَلَدُ القِفارُ

أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ

ضَنيناتُ النُفوسِ لَها مَزارُ

أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ

لَقَد فُجِعَت بِفارِسِها نِزارُ

سَقاكَ الغَيثُ إِنَّكَ كُنتَ غَيثاً

وَيُسراً حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ

أَبَت عَينايَ بَعدَكَ أَن تَكُفّا

كَأَنَّ غَضا القَتادِ لَها شِفارُ

وَإِنَّكَ كُنتَ تَحلُمُ عَن رِجالٍ

وَتَعفو عَنهُمُ وَلَكَ اِقتِدارُ

وَتَمنَعُ أَن يَمَسَّهُمُ لِسانٌ

مَخافَةَ مَن يُجيرُ وَلا يُجارُ

وَكُنتُ أَعُدُّ قُربي مِنكَ رِبحاً

إِذا ما عَدَّتِ الرِبحَ التِجارُ

فَلا تَبعَد فَكُلٌّ سَوفَ يَلقى

شَعوباً يَستَديرُ بِها المَدارُ

يَعيشُ المَرءُ عِندَ بَني أَبيهِ

وَيوشِكُ أَن يَصيرَ بِحَيثُ صاروا

أَرى طولَ الحَياةِ وَقَد تَوَلّى

كَما قَد يُسلَبُ الشَيءُ المُعارُ

كَاَنّي إِذ نَعى النّاعي كُلَيباً

تَطايَرَ بَينَ جَنبَيَّ الشَرارُ

فَدُرتُ وَقَد عَشِيَّ بَصَري عَلَيهِ

كَما دارَت بِشارِبِها العُقارُ

سَأَلتُ الحَيَّ أَينَ دَفَنتُموهُ

فَقالوا لي بِسَفحِ الحَيِّ دارُ

فَسِرتُ إِلَيهِ مِن بَلَدي حَثيثاً

وَطارَ النَومُ وَاِمتَنَعَ القَرارُ

وَحادَت ناقَتي عَن ظِلِّ قَبرٍ

ثَوى فيهِ المَكارِمُ وَالفَخارُ

لَدى أَوطانِ أَروَعَ لَم يَشِنهُ

وَلَم يَحدُث لَهُ في الناسِ عارُ

أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما

جَبانُ القَومِ أَنجاهُ الفِرارُ

أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما

حُلوقُ القَومِ يَشحَذُها الشِفارُ

أَقولُ لِتَغلِبٍ وَالعِزُّ فيها

أَثيروها لِذَلِكُمُ اِنتِصارُ

تَتابَعَ إِخوَتي وَمَضوا لِأَمرٍ

عَلَيهِ تَتابَعَ القَومُ الحِسارُ

خُذِ العَهدَ الأَكيدَ عَلَيَّ عُمري

بِتَركي كُلَّ ما حَوَتِ الدِيارُ

وَهَجري الغانِياتِ وَشُربَ كَأسٍ

وَلُبسي جُبَّةً لا تُستَعارُ

وَلَستُ بِخالِعٍ دِرعي وَسَيفي

إِلى أَن يَخلَعَ اللَيلَ النَهارُ

وَإِلّا أَن تَبيدَ سَراةُ بَكرٍ

فَلا يَبقى لَها أَبَداً أَثارُ

 

=====

 

يا لِبَكرٍ أَنشِروا لي كُلَيباً

يا لِبَكرٍ أَينَ أَينَ الفِرارُ

يا لِبَكرٍ فَاَظعُنوا أَو فَحِلّوا

صَرَّحَ الشَرُّ وَبانَ السَرارُ

===

اقوال الزير سالم

أُنادي بِرَكبِ المَوتِ لِلمَوتِ غَلِّسوا

فَإِنَّ تِلاعَ العَمقِ بِالمَوتِ دَرَّتِ

 

====

 

أَشاقَتكَ مَنزِلَةٌ دائِرَه

بِذاتِ الطُلوحِ إِلى كاثِرَه

وَخَيلٍ تَكَدَّسُ بِالدارِعينَ

كَمَشيِ الوُعولِ عَلى الظاهِرَه

 

====

 

أَلَيلَتَنا بِذي حُسُمٍ أَنيري

إِذا أَنتِ اِنقَضَيتِ فَلا تَحوري

فَإِن يَكُ بِالذَنائِبِ طالَ لَيلي

فَقَد أَبكي مِنَ اللَيلِ القَصيرِ

وَأَنقَذَني بَياضُ الصُبحِ مِنها

لَقَد أُنقِذتُ مِن شَرٍّ كَبيرِ

كَأَنَّ كَواكِبَ الجَوزاءِ عُودٌ

مُعَطَّفَةٌ عَلى رَبعٍ كَسيرِ

كَأَنَّ الفَرقَدَينِ يَدا بَغيضٍ

أَلَحَّ عَلى إِفاضَتِهِ قَميري

أَرَقتُ وَصاحِبي بِجَنوبِ شِعبٍ

لِبَرقٍ في تِهامَةَ مُستَطيرِ

فَلَو نُبِشَ المَقابِرُ عَن كُلَيبٍ

فَيَعلَمَ بِالذَنائِبِ أَيُّ زيرِ

بِيَومِ الشَعثَمَينِ أَقَرَّ عَيناً

وَكَيفَ لِقاءُ مَن تَحتَ القُبورِ

وَأَنّي قَد تَرَكتُ بِوارِدَاتٍ

بُجَيراً في دَمٍ مِثلِ العَبيرِ

هَتَكتُ بِهِ بُيوتَ بَني عَبادٍ

وَبَعضُ الغَشمِ أَشفى لِلصُّدورِ

عَلى أَن لَيسَ يوفى مِن كُلَيبٍ

إِذا بَرَزَت مُخَبَّأَةُ الخُدورِ

وَهَمّامَ بنَ مُرَّةَ قَد تَرَكنا

عَلَيهِ القُشعُمانِ مِنَ النُسورِ

يَنوءُ بِصَدرِهِ وَالرُمحُ فيهِ

وَيَخلُجُهُ خَدبٌ كَالبَعيرِ

قَتيلٌ ما قَتيلُ المَرءِ عَمرٌو

وَجَسّاسُ بنُ مُرَّةَ ذو ضَريرِ

كَأَنَّ التابِعَ المِسكينَ فيها

أَجيرٌ في حُداباتِ الوَقيرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا خافَ المُغارُ مِنَ المُغيرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا طُرِدَ اليَتيمُ عَنِ الجَزورِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا ما ضيمَ جارُ المُستَجيرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا ضاقَت رَحيباتُ الصُدورِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا خافَ المَخوفُ مِنَ الثُغورِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا طالَت مُقاساةُ الأُمورِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا هَبَّت رِياحُ الزَمهَريرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا وَثَبَ المُثارُ عَلى المُثيرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا عَجَزَ الغَنِيُّ عَنِ الفَقيرِ

عَلى أَن لَيسَ عَدلاً مِن كُلَيبٍ

إِذا هَتَفَ المُثَوِّبُ بِالعَشيرِ

تُسائِلُني أُمَيمَةُ عَن أَبيها

وَما تَدري أُمَيمَةُ عَن ضَميرِ

فَلا وَأَبي أُمَيمَةَ ما أَبوها

مِنَ النَعَمِ المُؤَثَّلِ وَالجَزورِ

وَلَكِنّا طَعَنّا القَومَ طَعناً

عَلى الأَثباجِ مِنهُم وَالنُحورِ

نَكُبُّ القَومَ لِلأَذقانِ صَرعى

وَنَأخُذُ بِالتَرائِبِ وَالصُدورِ

فَلَولا الريحُ أُسمِعُ مِن بِحُجرٍ

صَليلَ البيضِ تُقرَعُ بِالذُكورِ

فِدىً لِبَني شَقيقَةَ يَومَ جاءوا

كَأُسدِ الغابِ لَجَّت في الزَئيرِ

غَداةَ كَأَنَّنا وَبَني أَبينا

بِجَنبِ عُنَيزَةَ رَحيا مُديرِ

كَأَنَّ الجَديَ جَديَ بَناتِ نَعشٍ

يَكُبُّ عَلى اليَدَينِ بِمُستَديرِ

وَتَخبو الشُعرَيانِ إِلى سُهَيلٍ

يَلوحُ كَقُمَّةِ الجَبَلِ الكَبيرِ

وَكانوا قَومَنا فَبَغَوا عَلَينا

فَقَد لقاهُمُ لَفَحُ السَعيرِ

تَظَلُّ الطَيرُ عاكِفَةً عَلَيهِم

كَأَنَّ الخَيلَ تَنضَحُ بِالعَبيرِ

 

===

 

وادي الأَحَصِّ لَقَد سَقاكَ مِنَ العِدى

فَيضَ الدُموعِ بِأَهلِهِ الدَعسُ

 

===

 

شعر الزير سالم قبل موته

نُبِّئتُ أَنَّ النارَ بَعدَكَ أوقِدَت

وَاِستَبَّ تَعدَكَ يا كُلَيبُ المَجلِسُ

وَتَكَلَّموا في أَمرِ كُلِّ عَظيمَةٍ

لَو كُنتَ شاهِدَهُم بِها لَم يَنبِسوا

وَإِذا تَشاءُ رَأَيتَ وَجهاً واضِحاً

وَذِراعَ باكِيَةٍ عَلَيها بُرنُسُ

تَبكي عَلَيكَ وَلَستُ لائِمَ حُرَّةٍ

تَأسى عَلَيكَ بِعَبرَةٍ وَتَنَفَّسُ

===

شَفَيتُ نَفسي وَقَومي مِن سَراتِهِم

الصِعابِ وَوادي حارَبي ماسِ

مَن لَم يَكُن قَد شَفى نَفساً بِقَتلِهِم

مِنّي فَذاقَ الَّذي ذاقوا مِنَ الباسِ

===

 

مَن مُبلِغٌ بَكراً وَآلَ أَبيهِمِ

عَنّي مُغَلَغَلَةَ الرَدِيِّ الأَقعَسِ

وَقَصيدَةً شَعواءَ باقٍ نورُها

تَبلى الجِبالُ وَأَثرُها لَم يُطمَسِ

أَكُلَيبُ إِنَّ النارَ بَعدَكَ أُخمِدَت

وَنَسيتُ بَعدَكَ طَيِّباتِ المَجلِسِ

أَكُلَيبُ مَن يَحمي العَشيرةَ كُلَّها

أَو مَن يَكُرُّ عَلى الخَميسِ الأَشوَسِ

مَن لِلأَرامِلِ وَاليَتامى وَالحِمى

وَالسَيفِ وَالرُمحِ الدَقيقِ الأَملَسِ

وَلَقَد شَفَيتُ النَفسَ مِن سَرَواتِهِم

بِالسَيفِ في يَومِ الذُنَيبِ الأَغبَسِ

إِنَّ القَبائِلَ أَضرَمَت مِن جَمعِنا

يَومَ الذَنائِبِ حَرَّ مَوتٍ أَحمَسِ

فَالإِنسُ قَد ذَلَّت وَتَقاصَرَت

وَالجِنُّ مِن وَقعِ الحَديدِ المُلبَسِ

 

==

شعر كليب بن ربيعة

لَمّا نَعى الناعي كُلَيباً أَظلَمَت

شَمسُ النَهارِ فَما تُريدُ طُلوعا

قَتَلوا كُلَيباً ثُمَّ قالوا أَرتِعوا

كَذَبوا لَقَد مَنَعوا الجِيادَ رُتوعا

كَلّا وَأَنصابٍ لَنا عادِيَّةٍ

مَعبودَةٍ قَد قُطِّقَت تَقطيعا

حَتّى أُبيدَ قَبيلَةً وَقَبيلَةً

وَقَبيلَةً وَقَبيلَتَينِ جَميعا

وَتَذوقَ حَتفاً آلُ بَكرٍ كُلُّها

وَنَهُدَّ مِنها سَمكَها المَرفوعا

حَتّى نَرى أَوصالَهُم وَنجَماجِماً

مِنهُم عَلَيها الخامِعاتُ وُقوقا

وَنَرى سِباعَ الطَيرِ تَنقُرُ أَعيُناً

وَتَجُرُّ أَعضاءً لَهُم وَضُلوعا

وَالمَشرَفِيَّةَ لا تُعَرِّجُ عَنهُمُ

ضَرباً يُقُدُّ مَغافِراً وَدُروعا

وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الغُبارَ عَوابِساً

يَومَ الكَريهَةِ ما يُرِدنَ رُجوعا

===

 

وَلَمّا رَأى العَمقَ قُدّامَهُ

وَلَمّا رَأى عَمَراً وَالمُنيفا

 

===

 

فَجاءوا يُهرَعونَ وَهُم أُسارى

يُقودُهُم عَلى رَغمِ الأُنوفِ

===

 

جارَت بَنو بَكرٍ وَلَم يَعدِلوا

وَالمَرءُ قَد يَعرِفُ قَصدَ الطَريق

حَلَّت رِكابُ البَغيِ مِن وائِلٍ

في رَهطِ جَسّاسٍ ثِقالِ الوُسوق

يا أَيُّها الجاني عَلى قَومِهِ

ما لَم يَكُن كانَ لَهُ بِالخَليق

جِنايَةً لَم يَدرِ ما كُنهُها

جانٍ وَلَم يُضحِ لَها بِالمُطيق

كَقاذِفَ يَوماً بِأَجرامِهِ

في هُوَّةٍ لَيسَ لَها مِن طَريق

مَن شاءَ وَلّى النَفسَ في مَهمَةٍ

ضَنكٍ وَلَكِن مَن لَهُ بِالمَضيق

إِنَّ رُكوبَ البَحرِ ما لَم يَكُن

ذا مَصدَرٍ مِن تَهلِكاتِ الغَريق

لَيسَ لِمَن لَم يَعدُ في بَغيِهِ

عِدايَةَ تَخريقُ ريحٍ خَريق

كَمَن تَعَدَّى بَغيُهُ قَومَهُ

طارَ إِلى رَبِّ اللِواءِ الخَفوق

إِلى رَئيسِ الناسِ وَالمُرتَجى

لِعُقدَةَ الشَدِّ وَرَتقِ الفُتوق

مَن عَرَفَت يَومَ خَزازى لَهُ

عُلَيّا مَعَدٍّ عِندَ جَبذِ الوُثوق

إِذا أَقبَلَت حِميَرُ في جَمعِها

وَمَذحِجٌ كَالعارِضِ المُستَحيق

وَجَمعُ هَمدانَ لَهُم لَجبَةٌ

وَرايَةٌ تَهوي هُوِيَّ الأَنوق

فَقَلَّدَ الأَمرَ بَنو لَجبَةٌ

مِنهُم رَئيساً كَالحُسامَ العَتيق

مُضطَلِعاً بِالأَمرِ يَسمو لَهُ

في يَومِ لا يَستاغُ حَلقٌ بَريق

ذاكَ وَقَد عَنَّ لَهُم عارِضٌ

كَجِنحِ لَيلٍ في سَماءِ البَروق

تَلمَعُ لَمعَ الطَيرِ راياتُهُ

عَلى أَواذي لُجٍّ بَحرٍ عَميق

فَاِحتَلَّ أَوزارَهُمُ إِزرُهُ

بِرَأيِ مَحمودٍ عَلَيهِم شَفيق

وَقَد عَلَتهُم هَفوَةً هَبوَةٌ

ذاتُ هَياجٍ كَلَهيبِ الحَريق

فَاِنفَرَجَت عَن وَجهِهِ مُسفِراً

مُنبَلِجاً مِثلِ اِنبِلاجِ الشُروق

فَذاكَ لا يوفي بِهِ مِثلُهُ

وَلَستَ تَلقى مِثلَهُ في فَريق

قُل لِبَني ذُهلٍ يَرُدَّنَهُ

أَو يَصبِروا لِلصَّيلَمِ الخَنفَقيق

فَقَد تَرَوَّيتُم وَما ذُقتُم

تَوبيلَهُ فَاِعتَرِفوا بِالمَذوق

أَبلِغ بَني شَيبانَ عَنّا فَقَد

أَضرَمتُم نيرانَ حَربٍ عَقوق

لا يُرقَأُ الدَهرَ لَها عاتِكٌ

إِلّا عَلى أَنفاسِ نَجلا تَفوق

سَتَحمِلُ الراكِبَ مِنها عَلى

سيساءِ حِدبيرٍ مِنَ الشَرِّنوق

أَيُّ اِمرِئٍ ضَرَّجتُمُ ثَوبَهُ

بِعاتِكٍ مِن دَمِهِ كَالخَلوق

سَيِّدُ ساداتٍ إِذا ضَمَّهُم

مُعظَمُ أَمرٍ يَومَ بُؤسٍ وَضيق

لَم يَكُ كَالسَيِّدِ في قَومِهِ

بَل مَلِكٌ دينَ لَهُ بِالحُقوق

تَنفَرِجُ الضَلماءُ عَن وَجهِهِ

كَاللَيلِ وَلّى عَن صَديحٍ أَنيق

إِن نَحنُ لَم نَثأَر بِهِ فَاِشحَذوا

شِفارَكُم مِنّا لَحِزِّ الحُلوق

ذَبحاً كَذَبحِ الشاةِ لا تَتَّقي

ذابِحُها إِلّا بِشَخبِ العُروق

أَصبَحَ ما بَينَ بَني وائِلٍ

مُنقَطِعَ الحَبلِ بَعيدَ الصَديق

غَداً نُساقي فَاِعلَموا بَينَناً

أَرماحَنا مِن عاتِكٍ كَالرَحيق

مِن كُلِّ مَغوارِ الضُحى بُهمَةٍ

شَمَردَلٍ مِن فَوقِ طِرفٍ عَتيق

سَعالِيا تَحمِلَ مِن تَغلِبٍ

أَشباهَ جِنٍّ كَلُيوثِ الطَريق

لَيسَ أَخوكُم تارِكاً وِترَهُ

دونَ تَقَضّي وِترُهُ بِالمُفيق

 

===

 

طِفلَةٌ ما اِبنَةُ المُجَلِّلِ بَيضا

ءُ لَعوبٌ لَذيذَةٌ في العِناقِ

فَأِذهَبي ما إِلَيكِ غَيرُ بَعيدٍ

لا يُؤاتي العِناقَ مَن في الوِثاقِ

ضَرَبَت نَحرَها إِلَيَّ وَقالَت

يا عَدِيّاً لَقَد وَقَتكَ الأَواقي

ما أُرَجّي في العَيشِ بَعدَ نَداما

يَ أَراهُم سُقوا بِكَأسِ حَلاقِ

بَعدَ عَمرٍو وَعامِرٍ وَحيِيٍّ

وَرَبيعِ الصُدوفِ وَاِبنَي عَناقِ

وَاِمرِئِ القِيسِ مَيِّتٍ يَومَ أَودى

ثُمَّ خَلّى عَلَيَّ ذاتِ العَراقي

وَكُلَيبٍ شُمِّ الفَوارِسِ إِذ حُمـ

ـمَ رَماهُ الكُماةُ بِالإِتِّفاقِ

إِنَّ تَحتَ الأَحجارِ جَدّاً وَليناً

وَخَصيماً أَلَدَّ ذا مِعلاقِ

حَيَّةً في الوَجارِ أَربَدَ لا تَن

فَعُ مِنهُ السَليمَ نَفثَةُ راقِ

لَستُ أَرجو لَذَّةَ العَيشِ ما

اَزَمَت أَجلادُ قَدٍّ بِساقي

جَلَّلوني جِلدَ حَوبٍ فَقَد

جَعَلوا نَفَسي عِندَ التَراقي

==

 

إِنَّ تَحتَ الأَحجارِ حَزماً وَعَزما

وَقَتيلاً مِن الأَراقِمِ كَهلا

قَتَلَتهُ ذُهلٌ فَلَستُ بِراضٍ

أَو نُبيدَ الحَيَّينِ قَيساً وَذُهلا

وَيَطيرَ الحَريقُ مِنّا شَراراً

فَيَنالَ الشَرارُ بَكراً وَعِجلا

قَد قَتَلنا بِهِ وَلا ثَأرَ فيهِ

أَو تَعُمَّ السُيوفُ شَيبانَ قَتلا

ذَهَبَ الصُلحُ أَو تَرُدّوا كُلَيباً

أَو تَحُلّوا عَلى الحُكومَةِ حَلا

ذَهَبَ الصُلحُ أَو تَرُدّوا كُلَيباً

أَو أُذيقَ الغَداةَ شَيبانَ ثُكلا

ذَهَبَ الصُلحُ أَو تَرُدّوا كُلَيباً

أَو تَنالَ العُداةُ هَوناً وَذُلّا

ذَهَبَ الصُلحُ أَو تَرُدّوا كُلَيباً

أَو تَذوقوا الوَبالَ وِرداً وَنَهلا

ذَهَبَ الصُلحُ أَو تَرُدّوا كُلَيباً

أَو تَميلوا عَنِ الحَلائِلِ عُزلا

أَو أَرى القَتلَ قَد تَقاضى رِجالاً

لَم يَميلوا عَن السَفاهَةِ جَهلا

إِنَّ تَحتَ الأَحجارِ وَالتُربِ مِنهُ

لَدَفينا عَلا عَلاءً وَجَلّا

عَزَّ وَاللَهِ يا كُلَيبُ عَلَينا

أَن تَرى هامَتي دِهاناً وَكُحلا

===

 

باتَ لَيلي بِالأَنعَمَينِ طَويلا

أَرقُبُ النَجمَ ساهِراً لَن يَزولا

كَيفَ أُمدِ وَلا يَزالُ قَتيلٌ

مِن بَني وائِلٍ يُنادي قَتيلا

أَزجُرُ العَينَ أَن تُبَكّي الطُلولا

إِنَّ في الصَدرِ مِن كُلَيبٍ غَليلا

إِنَّ في الصَدرِ حاجَةً لَن تُقَضّى

ما دَعا في الغُضونِ داعٍ هَديلا

كَيفَ أَنساكَ يا كُلَيبُ وَلَمّا

أَقضِ حُزناً يَنوبُني وَغَليلا

أَيُّها القَلبُ أَنجِزِ اليَومَ نَحباً

مِن بَني الحِصنِ إِذ غَدَوا وَذُحولا

كَيفَ يَبكي الطُلولَ مَن هُوَ رَهنٌ

بِطِعانِ الأَنامِ جيلاً فَجيلا

أَنبَضوا مَعجِسَ القِسِيِّ وَأَبرَقـ

ـنا كَما توعِدُ الفُحولُ الفُحولا

وَصَبَرنا تَحتَ البَوارِقِ حَتّى

رَحَدَت فيهِمِ السُيوفُ طَويلا

لَم يُطيقوا أَن يَنزِلوا وَنَزَلنا

وَأَخو الحَربِ مَن أَطاقَ النُزولا

 

===

 

لَيسَ مِثلي يُخَبِّرُ الناسَ عَن آ

بائِهِم قُتِّلوا وَيَنسى القِتالا

لَم أَرُم عَرصَةَ الكَتيبَةِ حَتّى اِنـ

ـتَعَلَ الوَردُ مِن دِماءٍ نِعالا

عَرَفَتهُ رِماحُ بَكرٍ فَما يَأ

خُدنَ إِلا لَبّاتِهِ وَالقَذالا

غَلَبونا وَلا مَحالَةَ يَوماً

يَقلِبُ الدَهرُ ذاكَ حالاً فَحالا
===

 

غَنِيَت دارُنا تِهامَةَ في الدَهـ

ـرِ وَفيها بَنو مَعَدٍّ حُلولا

فَتَساقَوا كَأساً أُمِرَّت عَلَيهِم

بَينَهُم يَقتُلُ العَزيزُ الذَليلا

==

 

لَمّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هَجيُهُم

هَلهَلتُ أَثأَرُ جابِراً أَو صُنُبلا

 

==

 

رَماكَ اللَهُ مِن بَغلِ

بِمَشحوذٍ مِنَ النَبلِ

أَما تُبلِغُني أَهلَكَ

أَو تُبلِغُني أَهلي

أَكُلَّ الدَهرِ مُرَكوبٌ

مِنَ النَكباءِ وَالعُزلِ

وَقَد قُلتُ وَلَم أَعدِل

كَلاماً مِن بَني ذُهلِ

أَلا أَبلِغ بَني بَكرٍ

رِجالاً مِن بَني ذُهلِ

وَأَبلِغ سالِفاً حُلوى

إِلى قارِعَةِ النَخلِ

بَدَأتُم قَومَكُم بِالغَد

رِ وَالعُدوانِ وَالقَتلِ

قَتَلتُم سَيِّدَ الناسِ

وَمَن لَيسَ بِذي مِثلِ

وَقُلتُم كُفؤُهُ رِجلٌ

وَلَيسَ الراسُ كَالرِجلِ

وَلَيسَ الرَجُلُ الماجِدُ

مِثلَ الرَجُلِ النَذلِ

فَتىً كانَ كَأَلفٍ مِن

ذَوي الإنعامِ وَالفَضلِ

لَقَد جِئتُم بِها دَهما

ءَ كَالحَيَّةِ في الجَذلِ

وَقَد جِئتُم بِها شَعوا

ءَ شابَت مَفرِقَ الطِفلِ

وَقَد كُنتُ أَخا لَهوٍ

فَأَصبَحتُ أَخا شُغلِ

أَلا يا عاذِلي أَقصِر

لَحاكَ اللَهَ مِن عَذلِ

بِأَنّا تَغلِبَ الغَلبا

ءَ نَعلو كُلَّ ذي فَضلِ

رِجالٌ لَيسَ في حَرَجٍ

لَهُم مِثلٌ وَلا شَكلِ

بِما لَيسَ قَدَّمَ جَسّاسٌ

لَهُم مِن سَيِّئِ الفِعلِ

سَأَجزي رَهطَ جَسّاسٍ

كَحَذوِ النَعلِ بِالنَّعلِ

 

==

 

هَل عَرَفتَ الغَداةَ مِن أَطلالِ

رَهنِ ريحٍ وَديمَةٍ مِهطالِ

يَستَبينُ الحَليمُ فيها رُسوماً

دَارِساتٍ كَصَنعَةِ العُمّالِ

قَد رَآها وَأَهلُها أَهلُ صِدقٍ

لا يُريدونَ نِيَّةَ الاِرتِحالِ

يا لَقَومي لِلَوعَةِ البَلبالِ

وَلِقَتلِ الكُماةِ وَالأَبطالِ

وَلِعَينٍ تَبادَرَ الدَمعُ مِنها

لِكُلَيبٍ إِذ فاقَها بِانهِمالِ

لِكُلَيبٍ إِذِ الرِياحُ عَلَيهِ

ناسِفاتُ التُرابِ بِالأَذيالِ

إِنَّني زائِرٌ جُموعاً لِبَكرٍ

بَينَهُم حارِثٌ يُريدُ نِضالي

قَد شَفَيتُ الغَليلَ مِن آلِ بَكرٍ

آلِ شَيبانَ بَينَ عَمٍّ وَخالِ

كَيفَ صَبري وَقَد قَتَلتُم كُلَيباً

وَشَقيتُم بِقَتلِهِ في الخَوالي

فَلَعَمري لَأَقتُلَنَّ بِكُلَيبٍ

كُلَّ قَيلٍ يُسَمّى مِنَ الأَقيالِ

وَلَعَمري لَقَد وَطِئتُ بَني بَكرَ

بِما قَد جَنَوهُ وَطءَ النِعالِ

لَم أَدَع غَيرَ أَكلُبٍ وَنِساءٍ

وَإِماءٍ حَواطِبٍ وَعِيالِ

فَاِشرَبوا ما وَرَدتُّمُ الآنَ مِنّا

وَاِصدِروا خاسِرينَ عَن شَرِّ حالِ

زَعَمَ القَومُ أَنَّنا جارُ سوءٍ

كَذَبَ القَومُ عِندَنا في المَقالِ

لَم يَرَ الناسُ مِثلَنا يَومَ سِرنا

نَسلُبُ المُلكَ بِالرِماحِ الطِوالِ

يَومَ سِرنا إِلى قَبائِلَ عَوفٍ

بِجُموعٍ زُهاؤُها كَالجِبالِ

بَينَهُم مالِكٌ وَعَمرٌو وَعَوفٌ

وَعُقَيلٌ وَصالِحٌ بنُ هِلالِ

لَم يَقُم سَيفُ حارِثٍ بِقِتالٍ

أَسلَمَ الوالِداتِ في الأَثقالِ

صَدَقَ الجَارُ إِنَّنا قَد قَتَلنا

بِقِبالِ النَعالِ رَهطَ الرِجالِ

لا تَمَلَّ القِتالَ يا اِبنَ عُبادٍ

صَبِّرِ النَفسَ إِنَّني غَيرُ سالِ

يا خَليلي قَرِّبا اليَومَ مِنّي

كُلَّ وَردٍ وَأَدهَمٍ صَهّالِ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

لِكُلَيبٍ الَّذي أَشابَ تُطيلا سُؤالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

وَاِسأَلاني وَلا تُطيلا سُؤالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

سَوفَ تَبدو لَنا ذَواتُ الحِجالِ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

إِنَّ قَولي مُطابِقٌ لِفِعالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

لِكُلَيبٍ غَداهُ عَمّي وَخالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

لِاِعتِناقِ الكُماةِ وَالأَبطالَ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

سَوفَ أُصلي نيرانَ آلِ بِلالِ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

إِن تَلاقَت رِجالُهُم وَرِجالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

طالَ لَيلي وَأَقصَرَت عُذّالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

يا لَبَكرٍ وَأَينَ مِنكُم وِصالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

لِنِضالٍ إِذا أَرادوا نِضالي

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

لِقَتيلٍ سَفَتهُ ريحُ الشَمالِ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

مَعَ رُمحٍ مُثَقَّفٍ عَسّالِ

قَرِّنا مَربَطَ المُشَهَّرِ مِنّي

قَرِّباهُ وَقَرِّبا سِربالي

ثُمَّ قولا لِكُلِّ كَهلٍ وَناشٍ

مِن بَني بَكرَ جَرِّدوا لِلقِتالِ

قَد مَلَكناكُمُ فَكونوا عَبيداً

مالَكُم عَن مِلاكِنا مِن مَجالِ

وَخُذوا حِذرَكُم وَشُدّوا وَجِدّوا

وَاِصبِروا لِلنِّزالِ بَعدَ النِزالِ

فَلَقَد أَصبَحَت جَمائِعُ بَكرٍ

مِثلَ عادٍ إِذ مُزِّقَت في الرِمالِ

يا كُلَيباً أَجِب لِدَعوَةِ داعٍ

موجَعِ القَلبِ دائِمِ البَلبالِ

فَلَقَد كُنتَ غَيرَ نِكسٍ لَدى البَأ

سِ وَلا واهِنٍ وَلا مِكسالِ

قَد ذَبَحنا الأَطفالَ مِن آلِ بَكرٍ

وَقَهَرنا كُماتَهُم بِالنِضالِ

وَكَرَرنا عَلَيهِمِ وَاِنثَنَينا

بِسُيوفٍ تَقُدُّ في الأَوصالِ

أَسلَموا كُلَّ ذاتِ بَعلٍ وَأُخرى

ذاتَ خِدرٍ غَرّاءَ مِثلَ الهِلالِ

يا لَبَكرٍ فَأَوعِدوا ما أَرَدتُّم

وَاِستَطَعتُم فَما لِذا مِن زَوالِ

 

===

 

فَقُلتُ لَهُ بُؤ بِاِمرِئٍ لَستَ مِثلَهُ

وَإِن كُنتَ قُنعاناً لِمَن يَطلُبُ الدَما

 

===

 

أَخٌ وَحَريمٌ سَيِّئٌ إِن قَطَعتَهُ

فَقَطعُ سُعودٍ هَدمُها لَكَ هادِمُ

وَقَفتَ عَلى ثِنتَينِ إِحداهُما دَمٌ

وَأُخرى بِها مِنّا تُحَزُّ الغَلاصِمُ

فَما أَنتَ إِلّا بَينَ هاتَينِ غائِصٌ

وَكِلتاهُما بَحرٌ وَذو الغَيِّ نادِمُ

فَمَنقَصَةٌ في هَذِهِ وَمَذَلَّةٌ

وَشَرٌّ شِمِرٌّ بَينَكُم مُتَفاقِمُ

وَكُلُّ حِميمٍ أَو أَخٍ ذي قَرابَةٍ

لَكَ اليَومَ حَتّى آخِرِ الدَهرِ لائِمُ

فَأَخِّر فَإِنَّ الشَرَّ يَحسُنُ آخِراً

وَقَدِّم فَإِنَّ الحُرَّ لِلغَيظِ كاظِمُ

 

====

 

سَأَمضي لَهُ قِدماً وَلَو شابَ في الَّذي

أَهِمُّ بِهِ فيما صَنَعتُ المَقادِمُ

مَخافِةَ قَولٍ أَن يُخالِفَ فِعلُهُ

وَأَن يَهدِمَ العِزَّ المُشَيَّدَ هادِمُ

 

===

 

أَثبَتُّ مُرَّةَ وَالسُيوفُ شَواهِرٌ

وَصَرَفتُ مُقدَمَها إِلى هَمّامِ

وَبَني لُجَيمٍ قَد وَطَأنا وَطأَةً

بِالخَيلِ خارِجَةً عَنِ الأَوهامِ

وَرَجَعنا نَجتَنِئُ القَنا في ضُمَّرٍ

مِثلَ الذِئابِ سَريقَةِ الإِقدامِ

وَسَقَيتُ تَيمَ اللاتِ كَأساً مُرّةً

كَالنارِ شُبَّ وَقودثها بِضِرامِ

وَبُيوتَ قَيسٍ قَد وَطَأنا وَطأَةً

فَتَرَكنا قَيساً غَيرَ ذاتِ مَقامِ

وَلَقَد قَتَلتُ الشَعثَمَينِ وَمالِكاً

وَاِبنَ المُسَوَّرِ وَاِبنَ ذاتِ دَوامِ

وَلَقَد خَبَطتُّ بُيوتَ يَشكُرَ خَبطَةً

أَخوالُنا وَهُمُ بَنو الأَعمامِ

لَيسَت بِراجِعَةٍ لَهُم أَيامُهُم

حَتّى تَزولَ شَوامِخُ الأَعلامِ

قَتَلوا كُلَيباً ثُمَّ قالوا أَرتِعوا

كَذِبوا وَرَبِّ الحِلِّ وَالإِحرامِ

حَتّى تُلَفُّ كَتيبَةٌ بِكَتيبَةٍ

وَيَحُلَّ أَصرامٌ عَلى أَصرامِ

وَتَقومَ رَبّاتُ الخُدورِ حَواسِراً

يَمسَحنَ عَرضَ تَمائِمِ الأَيتامِ

حَتّى نَرى غُرَراً تُجَرُّ وَجُمَّةً

وَعِظامَ رُؤسٍ هُشِّمَت بِعِظامِ

حَتّى يَعَضَّ الشَيخُ مِن حَسَراتِهِ

مِمّا يَرى جَزَعاً عَلى الإِبهامِ

وَلَقَد تَرَكنا الخَيلَ في عَرَصاتِها

كَالطَيرِ فَوقَ مَعالِمِ الأَجرامِ

فَقَضَينَ دَيناً كُنَّ قَد ضُمِّنَّهُ

بِعَزائِمٍ غُلبِ الرِقابِ سَوامِ

مِن خَيلِ تَغلِبَ عِزَّةً وَتَكَرُّماً

مِثلَ اللُيوثِ بِساحَةِ الآنامِ

 

===

 

يا حارِ لا تَجهَل عَلى أَشياخِنا

إِنّا ذَوو السوراتِ وَالأَحلامِ

مِنّا إِذا بَلَغَ الصَبِيُّ فِطامَهُ

سائِسُ الأُمورِ وَحارِبُ الأَقوامِ

قَتَلوا كُلَيباً ثُمَّ قالوا أَربِعوا

كَذَبوا وَرَبِّ الحَلِّ وَالإِحرامِ

حَتّى نَبيدَ قَبيلَةً وَقَبيلَةً

قَهراً وَنَفلِقَ بِالسُيوفِ الهامِ

وَيَقُمنَ رَبّاتُ الخُدورِ حَواسِراً

يَمسَحنَ عَرضَ ذَوائِبِ الأَيتامِ

 

===

 

قَتيلٌ ما قَتيلُ المَرءِ عَمرٍو

وَجَسّاسِ بنِ مُرَّةَ ذي صَريمِ

أَصابَ فُؤادَهُ بِأَصَمَّ لَدنٍ

فَلَم يَعطِف هُناكَ عَلى حَميمِ

فَإِنَّ غَداً وَبَعدَ غَدٍ لَوَهنٌ

لِأَمرٍ ما يُقامُ لَهُ عَظيمِ

جَسيماً ما بَكَيتُ بِهِ كُلَيباً

إِذا ذُكِرَ الفِعالُ مِنَ الجَسيمِ

سَأَشرَبُ كَأسَها صِرفاً وَأَسقي

بِكَأسٍ غَيرِ مُنطِقَةٍ مُليمِ

 

===

 

أَنكَحَها فَقدُها الأَرقِمَ في

جَنبٍ وَكانَ الخِباءُ مِن أَدَمِ

لَو بِأَبا نَينِ جاءَ يَخطُبُها

ضُرِّجَ ما أَنفُ خاطِبٍ بِدَمِ

أَصبَحتُ لا مَنفَساً أَصَبتُ وَلا

أُبتُ كَريماً حُرّاً مِنَ النَدَمِ

هانَ عَلى تَغلِبَ بِما لَقِيَت

أُختُ بَني المالِكينَ مِن جُشَمِ

لَيسوا بِأَكفائِنا الكِرامِ وَلا

يُغنونَ مِن عَيلَةٍ وَلا عَدَمِ

 

===

 

خَلَعَ المُلوكَ وَسارَ تَحتَ لِوائِهِ

شَجَرُ العُرى وَعَراعِرُ الأَقوامِ

إِنّا لَنَضرِبُ بِالصَوارِمِ هامَها

ضَربَ القُدارِ نَقيعَةَ القُدّامِ

==

 

كُنّا نَغارُ عَلى العَواتِقِ أَن تَرى

بِالأَمسِ خارِجَةً عَنِ الأَوطانِ

فَخَرَجنَ حينَ ثَوى كُلَيبٌ حُسَّراً

مُستَيقِناتٍ بَعدَهُ بِهَوانِ

فَتَرى الكَواعِبَ كَالظِباءِ عَواطِلاً

إِذ حانَ مَصرَعُهُ مِنَ الأَكفانِ

يَخمِشنَ مِن أَدَمِ الوُجوهِ حَواسِراً

مِن بَعدِهِ وَيَعِدنَ بِالأَزمانِ

مُتَسَلِّباتٍ نُكدَهُنَّ وَقَد وَرى

أَجوافَهُنَّ بِحُرقَةٍ وَرَواني

وَيَقُلنَ مَن لِلمُستَضيقِ إِذا دَعا

أَم مَن لِخَضبِ عَوالي المُرّانِ

أَم لِاِتِّسارٍ بِالجزورِ إِذا غَدا

ريحٌ يُقَطِّعُ مَعقِدَ الأَشطانِ

أَم مَن لِاِسباقِ الدِياتِ وَجَمعِها

وَلِفادِحاتِ نَوائِبِ الحِدثانِ

كانَ الذَحيرَةَ لِلزَّمانِ فَقَد أَتى

فَقدانُهُ وَأَخَلَّ رُكنَ مَكاني

يا لَهفَ نَفسي مِن زَمانٍ فاجِعٍ

أَلقى عَلَيَّ بِكَلكَلٍ وَجِرانِ

بِمُصيبَةٍ لا تُستَقالُ جَليلَةٍ

غَلَبَت عَزاءَ القَومِ وَالنِسوانِ

هَدَّت حُصوناً كُنَّ قَبلُ مَلاوِذاً

لِذَوي الكُهولِ مَعاً وَلِلشُّبانِ

أَضحَت وَأَضحى سورُها مِن بَعدِهِ

مُتَهَدِّمَ الأَركانِ وَالبُنيانِ

فَاِبكينَ سَيِّدَ قَومِهِ وَاِندُبنَهُ

شُدَّت عَلَيهِ قَباطِيَ الأَكفانِ

وَاِبكينَ للأَيتامِ لَمّا أَقحَطوا

وَاِبكينَ عِندَ تَخاذُلِ الجيرانِ

وَاِبكينَ مَصرَعَ جيدِهِ مُتَزَمِّلاً

بِدِمائِهِ فَلَذاكَ ما أَبكاني

فَلَأَترُكَنَّ بِهِ قَبائِلَ تَغلِبٍ

قَتلى بِكُلِّ قَرارَةٍ وَمَكانِ

قَتلى تُعاوِرَها النُسورُ أَكُفَّها

يَنهَشنَها وَحَواجِلُ الغُربانِ

 

===

 

لَو أَنَّ خَيلي أَدرَكَتكَ وَجَدتَهُم

مِثلَ اللُيوثِ بِسِترِ غِبِّ عَرينِ

وَلَأَورِدَنَّ الخَيلَ بَطنَ أَراكَةٍ

وَلَأَقضِيَنَّ بِفِعلِ ذاكَ دُيوني

وَلَأَقتُلُنَّ حَجاحِجاً مِن بَكرِكُم

وَلَأَبكِيَنَّ بِها جُفونَ عُيونِ

حَتّى تَظَلَّ الحامِلاتُ مَخافَةً

مِن وَقعِنا يَقدِفنَ كُلَّ جَنينِ

 

===

 

لَو كانَ ناهٍ لِاِبنِ حَيَّةَ زاجِراً

لَنَهاهُ ذا عَن وَقعَةِ السُلانِ

يَومٌ لَنا كانَت رِئاسَةٌ أَهلِهِ

دونَ القَبائِلِ مِن بَني عَدنانِ

غَضِبَت مَعَدٌّ غَثُّها وَسَمينُها

فيهِ مُمالاةً عَلى غَسّانِ

فَأَزالَهُم عَنّا كُلَيبُ بِطَعنَةٍ

في عَمرِ بابِلَ مِن بَني قَحطانِ

وَلَقَد مَضى عَنها اِبنُ حَيَّةَ مُدبِراً

تَحتَ العَجاجَةِ وَالحُتوفُ دَوانِ

لَمّا رَآنا بِالكُلابِ كَأَنَّنا

أُسدٌ مَلاوِثَةٌ عَلى خَفّانِ

تَرَكَ الَّتي سَحَبَت عَلَيهِ ذُيولَها

تَحتَ العَجاجِ بِذِلَّةٍ وَهَوانِ

وَنَجا بَمُهجَتِهِ وَأَسلَمَ قَومَهُ

مُتَسَربِلينَ رَواعِفَ المُرّانِ

يَمشونَ في حَلَقِ الحَديدِ كَأَنَّهُم

جُربُ الجِمالِ طُلينَ بِالقَطِرانِ

نِعمَ الفَوارِسُ لا فَوارِسُ مَذحِجٍ

يَومَ الهِياجِ وَلا بَنو هَمدانِ

هَزَموا العِداةَ بِكُلِّ أَسمَرَ مارِنٍ

وَمُهَنَّدٍ مِنلِ الغَديرِ يَماني

 

==

 

كُلُّ قَتيلٍ في كُلَيبٍ حُلّان

حَتّى يَنالَ القَتلُ آلَ شَيبان

 
 
==

كُلَيبُ لا خَيرَ في الدُنيا وَمَن فيها

إِن أَنتَ خَلَّيتَها في مَن يُخَلّيها

كُلَيبُ أَيُّ فَتى عِزٍّ وَمَكرُمَةٍ

تَحتَ السَفاسِفِ إِذ يَعلوكَ سافيها

نَعى النُعاةُ كُلَيباً لي فَقُلتُ لَهُم

مادَت بِنا الأَرضُ أَم مادَت رَواسيها

لَيتَ السَماءَ عَلى مَن تَحتَها وَقَعَت

وَحالَتِ الأَرضُ فَاِنجابَت بِمَن فيها

أَضحَت مَنازِلُ بِالسُلّانِ قَد دَرَسَت

تَبكي كُلَيباً وَلَم تَفزَع أَقاصيها

الحَزمُ وَالعَزمُ كانا مِن صَنيعَتِهِ

ما كُلَّ آلائِهِ يا قَومُ أُحصيها

القائِدُ الخَيلَ تَردي في أَعِنَّتَها

زَهواً إِذا الخَيلُ بُحَّت في تَعاديها

الناحِرُ الكومَ ما يَنفَكُّ يُطعِمُها

وَالواهِبُ المِئَةَ الحَمرا بِراعيها

مِن خَيلِ تَغلِبَ ما تُلقى أَسِنَّتُها

إِلّا وَقَد خَصَّبَتها مِن أَعاديها

قَد كانَ يَصبِحُها شَعواءَ مُشعَلَةً

تَحتَ العَجاجَةِ مَعقوداً نَواصيها

تَكونُ أَوَّلَها في حينِ كَرَّتِها

وَأَنتَ بِالكَرِّ يَومَ الكَرِّ حاميها

حَتّى تُكَسِّرَ شَزاراً في نُحورِهِم

زُرقَ الأَسِنَّةِ إِذ تُروى صَواديها

أَمسَت وَقَد أَوحَشَت جُردٌ بِبَلقَعَةٍ

لِلوَحشِ مِنها مِنها مَقيلٌ في مَراعيها

يَنفُرنَ عَن أُمِّ هاماتِ الرِجالِ بِها

وَالحَربُ يَفتَرِسُ الأَقرانَ صاليها

يُهَزهِزونَ مِنَ الخَطِّيِّ مُدمَجَةً

كُمتاً أَنابيبُها زُرقاً عَواليها

نَرمي الرِماحَ بِأَيدينا فَنورِدُها

بيضاً وَنُصدِرُها حُمراً أَعاليها

يارُبَّ يَومٍ يَكونُ الناسُ في رَهَجٍ

بِهِ تَراني عَلى نَفسي مُكاويها

مُستَقدِماً غَصصاً لِلحَربِ مُقتَحِماً

ناراً أُهَيِّجُها حيناً وَأُطفيها

لا أَصلَحَ اللَهُ مِنّا مَن يُصالِحُكُم

ما لاحَتِ الشَمسُ في أَعلى مَجاريها

 

==

 

سَيَعلَمُ مُرَّةَ حَيثُ كانوا

بِأَنَّ حِمايَ لَيسَ بِمُستَباحِ

وَأَنَّ لَقوحَ جارِهِمِ سَتَغدو

عَلى الأَقوامِ غَدوَةَ كَالرَواحِ

وَتُضحي بَينَهُم لَحماً عَبيطاً

يُقَسِّمُهُ المُقَسِّمُ بِالقِداحِ

وَظَنّوا أَنَّني بِالحِنثِ أَولى

وَأَنّي كُنتُ أَولى بِالنَجاحِ

إِذا عَجَّت وَقَد جاشَت عَقيراً

تَبَيَّنَتِ المِراضُ مِنَ الصَحاحِ

وَما يُسرى اليَدَينِ إِذا أَضَرَّت

بِها اليُمنى بِمُدكَةِ الفَلاحِ

بَني ذُهلِ بنِ شَيبانِ خَذوها

فَما في ضَربَتَيها مِن جُناحِ

 

==

 

يا طَيرَةً بَينَ نَباتٍ أَخضَرِ

جاءَت عَلَيها ناقَةً بِمُنكَرِ

إِنَّكَ مِن حِمى كُلَيبَ الأَزهَرِ

حَمَيتُهُ مِن مَذحِجٍ وَحِميَرِ

==

 

إِن يَكُن قَتَلنا المُلوكَ خَطاءً

أَو صَواباً فَقَد قَتَلنا لَبيدا

وَجَعَلنا مَعَ المُلوكِ مُلوكاً

بِجِيادٍ جُردٍ تُقِلُّ الحَديدا

نُسعِرُ الحَربَ بِالَّذي يَحلِفُ النا

سُ بِهِ قَومَكُم وَنُذكي الوَقودا

أَو تَرُدّوا لَنا الإِتاوَةَ وَالفَي

ءَ وَلا نَجعَلُ الحُروبَ وعيدا

إِن تَلُمني عَجائِزٌ مِن نِزارٍ

فَأَراني فيما فَعَلتُ مُجيدا

 

===

 

دَعاني داعِيا مُضَرٍ جَميعاً

وَأَنفُسُهُم تَدانَت لِاِختِناقِ

فَكانَت دَعوَةً جَمَعَت نِزاراً

وَلَمَّت شَعثَها بَعدَ الفِراقِ

أَجَبنا داعِيَي مُضَرٍ وَسِرنا

إِلى الأَملاكِ بِالقُبِّ العِتاقِ

عَلَيها كُلُّ أَبيَضَ مِن نِزارٍ

يُساقي المَوتَ كَرهاً مَن يُساقي

أَمامَهُمُ عُقابُ المَوتِ يَهوي

هُوِيَّ الدَلوِ أَسلَمَها العَراقي

فَأَردَينا المُلوكَ بِكُلِّ عَضبٍ

وَطارَ هَزيمُهُم حَذَرَ اللَحاقِ

كَأَنَّهُمُ النَعامُ غَداةَ خافوا

بِذي السُلّانِ قارِقَةَ التَلاقي

فَكَم مَلِكٍ أَذَقناهُ المَنايا

وَآخَرَ قَد جَلَبنا في الوِثاقِ

 

==

 

لَقَد عَرَفَت قَحطانُ صَبري وَنَجدَتي

غَداةَ خَزازٍ وَالحُقوقُ دَوانِ

غَداةَ شَفَيتُ النَفسَ مَن ذُلِّ حِميَرِ

وَأَورَثتُها ذُلاً بِصِدقِ طِعاني

دَلَفتُ إِلَيهِم بِالصَفائِحِ وَالقَنا

عَلى كُلِّ لَيثٍ مِن بَني غَطفانِ

وَوائِلُ قَد جَدَّت مَقادِمَ يَعرُبٍ

فَصَدَّقَها في صَحوِها الثَقَلانِ

 

===

 

أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ السَوافِحُ

عَلى فارِسِ الفُرسانِ في كُلُّ صافِحِ

أَعَينَيَّ إِن تَفنى الدُموعُ فَأَوكِفا

دِماً بِاِرفِضاضٍ عِندَ نَوحِ النَوائِحِ

أَلا تَبكِيانِ المُرتَجى عِندَ مَشهَدٍ

يُثيرُ مَعَ الفُرسانِ نَقعَ الأَباطِحِ

عَدِيّاً أَخا المَعروفِ في كُلِّ شَتوَةٍ

وَفارِسَها المَرهوبَ عَندَ التَكافُحِ

رَمَتهُ بَناتُ الدَهرِ حَتّى اِنتَظَتهُ

بِسَهمِ المَنايا إِنّها شَرُّ رائِحِ

وَقَد كانَ يَكفي كُلَّ وَغدٍ مُواكِلٍ

وَيَحفَظُ أَسرارَ الخَليلِ المُناصِحِ

كَأَن لَم يَكُن في الحِمى حَيّاً وَلَم يَرُح

إِلَيهِ عُفاةُ الناسِ أَوكُلُّ رابِحِ

وَلَم يَدعُهُ في النَكبِ كُلُّ مُكَبَّلٍ

لِفَكِ إِسارٍ أَودَعا عِندَ صالِحِ

بَكَيتُكَ إِن يَنفَع وَما كُنتُ بِالَّتي

سَتَسلوكَ يا اِبنَ الأَكرَمينَ الحَجاحِجِ

 

==

 

مَنَعَ الرُقادُ لِحادِثٍ أَضناني

وَدَنا العَزاءُ فَعادَني أَحزاني

لَمّا سَمِعتُ بِنعيِ فارِسِ تَغلِبٍ

أَعني مُهَلهِلَ قاتِلِ الأَقرانِ

كَفكَفتُ دَمعي في الرِداءِ تَخالَهُ

كَالدُرِّ إِن قارَنتَهُ بِجُمانِ

جَزَعاً عَلَيهِ وَحُقَّ ذاكَ لِمِثلِهِ

كَهفِ اللَهيفِ وَغَيثَهُ اللَهفانِ

وَالمُرتَجى عَندَ الشَدائِدِ إِن غَذا

دَهرٌ حَرونٌ مُعضِلُ الحُدَثانِ

وَالمُستَغيثِ بِهِ العِبادُ وَمَن بِهِ

يَحمي الذِمارَ وَجودَةَ الجيرانِ

لَهفي عَلَيهِ إِن تَوَسَّطَ مُعضِلٌ

حِصنَ العَشيرَةِ ضارِبٌ بِجِرانِ

لَهفي عَلَيكَ إِذا اليَتيمُ تَخاذَلَت

عَنهُ الأَقارِبُ أَيَّما خِذلانِ

فَاِذهَب إِليهِ فَقَد حَوَيتَ مِنَ العُلى

يا اِبنَ الأَكارِمِ أَرجَحَ الرَجحانِ

فَلَأَبكِيَنَّكَ ما حَييتُ وَما جَرَت

هَوجاءُ مُعطِفَةٌ بِكُلِّ مَكانِ

 

==

 

لِاِبنَةِ حِطّانَ بنِ عَوفٍ مَنازِلٌ

كَما رَقشَّ العُنوانَ في الرِقِّ كاتِبُ

ظَلِلتُ بِها أُعرى وَأُشعَرث سُخنَةً

كَما اِعتادَ مَحموماً بِخَيبَرَ صالِبُ

تَظَلُّ بِها رُبدُ النَعامِ كَأَنَّها

إِماءٌ تُزَجّى بِالعَشِيِّ حَواطِبُ

خَليلايَ هَوجاءُ النَجاءِ شِمِلَّةٌ

وَذو شُطَبٍ لا يَجتَويهِ المُصاحِبُ

وَقَد عِشتُ دَهراً وَالغُواةُ صَحابَتي

اُولائِكَ خُلصاني الَّذينَ أُصاحِبُ

رَفيقاً لِمَن أَعيا وَقُلِّدَ حَبلَهُ

وَحاذَرَ جَرّاهُ الصَديقُ الأَقارِبُ

فَأَدَّيتُ عَنّي ما اِستَعَرتَ مِنَ الصِبى

وَلِلمالِ عِندي اليَومَ راعٍ وَكاسِبُ

لِكُلِّ أُناسٍ مِن مَعَدٍّ عِمارَةٌ

عَروضٌ إِلَيها يَلجَؤونَ وَجانِبُ

لُكَيزٌ لَها البَحرانِ وَالسَيفُ كُلُّهُ

وَإِن يَأتِها بَأسٌ مِنَ الهِندِ كارِبُ

تَطايَرَ عَن أَعجازِ حوشٍ كَأَنَّها

جَهامٌ أَراقَ ماءَهُ فَهوَ آئِبُ

وَبَكرٌ لَها ظَهرٌ العِراقِ وَإِن تَشَأ

يَحُل دونَها مِنَ اليَمامَةِ حاجِبُ

وَصارَت تَميمٌ بَينَ قُفٍّ وَرَملَةٍ

لَها مِن حِبالٍ مُنتَأَى وَمَذاهِبُ

وَكَلبٌ لَها خَبتٌ فَرَملَةُ عالِجٍ

إِلى الحَرَّةِ الرَجلاءِ حَيثُ تُحارِبُ

وَغَسّانُ حَيٌّ عِزُّهُم في سِواهُمُ

يُجالِدُ عَنهُم مِقنَبٌ وَكَتائِبُ

وَبَهراءُ حَيٌّ قَد عَلِمنا مَكانَهُم

لَهُم شَرَكٌ حَولَ الرُصافَةِ لاحِبُ

وَغارَت إِيادٌ في السَوادِ وَدونَها

بَرازيقُ عُجمٌ تَبتَغي مَن تُضارِبُ

وَلَخمٌ مُلوكُ الناسِ يُجبى إِلَيهِمُ

إِذا قالَ مِنهُم قائِلٌ فَهوَ واجِبُ

وَنَحنُ أُناسٌ لا حِجازَ بِأَرضِنا

مَعَ الغَيثِ ما نُلقى وَمَن هُوَ غالِبُ

تَرى رائِداتِ الخَيلِ حَولَ بُيوتِنا

كَمِعزى الحِجازِ أَعجَزَتها الزَرائِبُ

فَيُغبَقنَ أَحلاباً وَيُصبَحنَ مِثلَها

فَهُنَّ مِنَ التَعداءِ قُبٌّ شَوازِبُ

فَوارِسُها مِن تَغلِبَ اِبنَةَ وائِلٍ

حُماةٌ كُماةٌ لَيسَ فيها أَشائِبُ

هُمُ يَضرِبونَ الكَبشَ يَبرُقُ بَيضُهُ

عَلى وَجهِهِ مِنَ الدِماءِ سَبائِبُ

بِجَأواءَ يَنفي وِردُها سَرَعانَها

كَأَنَّ وَضيحَ البَيضِ فيها الكَواكِبُ

وَإِن قَصُرَت أَسيافُنا كانَ وَصلُها

خَضانا إِلى القَومِ الَّذينَ نُضارِبُ

فَلِلَهِ قَومٌ مِثلُ قَومي سوقَةٌ

إِذا اِجتَمَعَت عِندَ المُلوكِ العَصائِبُ

أَرى كُلَّ قَومٍ يَنظُرونَ إِلَيهِمُ

وَتَقصُرُ عَمّا يَفعَلونَ الذَوائِبُ

أَرى كُلَّ قَومٍ قارَبوا قَيدَ فَحلِهِم

وَنَحنُ خَلَعنا قَيدَهُ فَهوَ سارِبُ

====

 

غَريب بِأَرضِ المغربينِ أَسيرُ         سَيَبكي عَلَيهِ مِنبَرٌ وَسَريرٌ
وَتَندُبُهُ البيضُ الصَوارِمُ وَالقَنا       وَينهلُّ دَمعٌ بينَهُنَّ غَزيرُ

 

 

أنباءُ أَسرك قَد طَبّقن آفاقا               بَل قَد عَمَّمن جِهاتِ الأَرضِ إِقلاقا
سارَت مِن الغَربِ لا تُطوى لَها قَدَمٌ      حَتّى أَتَت شَرقَها تَنعاكَ إِشراقا