ما أوسخنا ..!! | القصيدة التي بسببها نفي مظفر النواب 


قصيدة القدس عروس عروبتكم


قصيدة في الحانةِ القديمة 


أقسمت بتاريخ الجوع..
 ويوم السغبة
لن يبقى عربي واحد
إن بقيت حالتنا هذي الحالة
بين حكومات الكسبه
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زنات
 الليل الى حجرتها

ووقفتم تسترقونَ السمع وراء
الابواب لصرخاتِ بكارتها
وسحبتم كل خناجركم 
وتنافختم شرفاً 
وصرختم فيها 
ان تسكت صوناً للعرض
فما أشرفكم أولاد القحبة
هل تسكت مغتصبة

أولاد القحبة لست خجولاً 


حين أصارحكم بحقيقتكم
ان حظيرة خنزير 
أطهر من أطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى 
أما انتم لا تهتز لكم قصبة
الآن أعريكم في كل عواصم
هذا الوطن العربي قتلتم فرحي

في كل زقاق 
أجد الأزلام أمامي
أقيء لهذا 
الأسلوب الفج
وفي بلد عربي 
كان مجرد مكتوب
 من أمي
يتأخر في أروقة الدولة
شهرين قمريين


تعالوا نتحاكم قدام الصحراء
 العربية كي تحكم فينا
أعترف الآن أمام الصحراء
 بأني مبتذل وبذيء 
وحزينٌ كهزيمتكم
يا شرفاء مهزومين 
ويا حكاماً مهزومين 
ويا جمهوراً مهزوماً

ما أوسخنا.. 


ما أوسخنا.. 
ما أوسخنا..
ما أوسخنا.. 
ونكابر ..  
لا أستثني أحداً


المَشرَب ليس بعيداً
ما جدوى ذلك
أنت كما الإسفَنجة
تَمتَصّ الحانات ولا تَسكر
يأخُذُك الحزن لكاساتٍ 
تُرِكت طافِحَة للصّمت 
أكانوا عشاقاً 
غَلَبَ النوم عليهم؟

غرباءً تَعِبوا 
من هذي الدنيا
والموت تأخر؟
أم بِضعَة مُنحَطّين
اجتمعوا كلقاءات القمة
واختصروا المَحضَر؟


وتُداعِب كُرسياً أكَلَته العثّة 
تلمس برد امرأة تركته
لتبحث عن دفء لو كنت قبيل قليل
أدفأت يديها الباردتين 
وتشعل كالشعراء المغمورين 
سيجارتها سيدتي
- أيقتلك البرد؟
- أنا يقتلني نصف الدفء
ونصف الموقف أكثر
------


نحن بغايا أيضاً سيدتي


كل مساءٍ يأخذنا القَهر
ويفعل ما شاء
يأخذنا الفِكر الكاذب
والدّين الكاذب والصَّمت الكاذب
ولقد يُطلب مِنّا 
 أكثر مما يُزنى فيك 
وبعض المحسوبين على الجهتين
يُقدّم ما هو أخطر


نَخبَكِ سيدتي
ما بِعتِ سوى اللحم الفاني
فالبعض يبيع 
اليابس والأخضر
ويدافع عن كل قضايا الكون
ويهرب من وجه قضيته
سأبول عليه وأسكر
ثم أبول عليه وأسكر
ثم تبولين عليه ونسكر 

المشرب غَصَّ بجيلٍ 
لا تَعرِفُه
لغة لا تعرفها
سيدتين تحيكان حديثاً أسود
والكل يُحدّق فيك
كأنك من أهل الكهف
ويضحك من
 تقطيبة عمرك
غِرٌّ ما خطّت بَعدُ شواربه

تتفحص نفسك أزرار قميصك
سحّاب السروال لعل الغِرّ… 
وتطبق جفنيك على زمن ولّى 
وصحاب كانت 
حانة أمس بهم حافلة 
بالنُبل وأخلاق الخمر
وأكثر من كاسات البلّور 
يشِفون إذا امتد الليل
لقد كان زمان

تهمد في زاوية
عشعش فيها الإهمال
ولا تهتم بك إلّا الخمرة
تدفئ ساقيك الميتتين 
وتنعش شمَّك لامرأة 
في أقصى الحانة
ما انشق الثوب
على عبق أعذب 
من فخذيها

وتحس وراء الثوب 
فحَّ فحيحاً
وصنوجاً بيضاء
ويأخذ سروالك بالهذيان
نتحاول في جهد أن تتذكر
أين تعرفت 
على أول نهدين أبِيَّين 
وأين تفقهت بأول
بجرعة خمر

وغدوت تؤلف 
في فقه النهد
وليس يُشَقُّ لفتواك عنان
تتمنى واحدة 
تأخذ رأسك
مما صار يطنّ ويصفر
وانحنت المرأة 
ترأب شق الثوب 
على فخذيها 


فرأيت بنفسج 
ما بين النهدين 
وآخر ما اجتهد التفاح
وصاح الرّمان 
وفاح البستان
وتحدق في أرجاء الحانة
كل قناني العمر 
لقد فرغت 
والنادل أطفأ عدة مرات لتُغادر

هذي الكاس
وأترك حانتك المسحورة يا نادل
لا تغضب فالعاشق نشوان
إملأها حتى تتفايض 
فوق الخشب البني
فما أدراك
لماذا هذي اللوحة للخمر
وتلك لصنع النعش
وأخرى للإعلان

إملأها علناً
 يا مولاي
فما أخرج من
حانتك الكبرى
إلّا منطفئاً سكران
أصغر شيئ
 يسكرني 
في خلقك مولاي
فكيف الإنسان

سبحانك كل 
الأشياء رضيت
سوى الذل
وأن يوضع 
قلبي في قفص
في بيت السلطان
ورضيت نصيبي
 في الدنيا
كنصيب الطير

ولكن سبحانك
 حتى الطير 
لها أوطان 
وتعود إليها
وأنا ما زلت أطير
فهذا الوطن الممتد
من البحر إلى البحر
سجون متلاصقة
سجان يمسك سجان.